مجاذيب الصوفية معذورون

المجذوب معذور
اتفق العلماء بأنه لا يلتفت إلى كلام المجذوب ولا يحتج بكلامه لكونه ذاهب العقل لا ينضبط كلامه كما في صحيح مسلم رقم 2747 أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح “
قلت : هذا الرجل معذور لأنه فنى في فرحه فغاب تمييزه حينئذ فرُفِع القلم عنه أليس كذلك؟ .
يقول شيخ هؤلاء المتشددين – أعني- ابن تيمية في مجموع فتاويه ج 10 ص219 : وأما النوع الثاني: فهو ” الفناء عن شهود السوى “. وهذا يحصل لكثير من السالكين؛ فإنهم لفرط انجذاب قلوبهم إلى ذكر الله وعبادته ومحبته وضعف قلوبهم عن أن تشهد غير ما تعبد وترى غير ما تقصد؛ لا يخطر بقلوبهم غير الله؛ بل ولا يشعرون؛ كما قيل في قوله: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها} قالوا: فارغا من كل شيء إلا من ذكر موسى. وهذا كثير يعرض لمن فقمه أمر من الأمور إما حب وإما خوف. وإما رجاء يبقي قلبه منصرفا عن كل شيء إلا عما قد أحبه أو خافه أو طلبه؛ بحيث يكون عند استغراقه في ذلك لا يشعر بغيره. فإذا قوي على صاحب الفناء هذا فإنه يغيب بموجوده عن وجوده وبمشهوده عن شهوده وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته حتى يفنى من لم يكن وهي المخلوقات المعبدة ممن سواه ويبقى من لم يزل وهو الرب تعالى. والمراد فناؤها في شهود العبد وذكره وفناؤه عن أن يدركها أو يشهدها. وإذا قوي هذا ضعف المحب حتى اضطرب في تمييزه فقد يظن أنه هو محبوبه كما يذكر: أن رجلا ألقى نفسه في اليم فألقى محبه نفسه خلفه فقال: أنا وقعت فما أوقعك خلفي قال: غبت بك عني فظننت أنك أني ! .
وفسر حال الأبدال في مجموع فتاويه ج10 ص523 وقال : الفناء حالة الأبدال المنكسري القلوب لأجل الحق خلفاء الرحمان! وأجلائه وأعيانه وأحبابه عليهم السلام !! .
وقال في ج4 ص97 : هم الأبدال لأنهم أبدال الأنبياء وقائمون مقامهم…..
وفيه ج 10 ص 526 قال : ولهذا كانوا منكسرة قلوبهم لشهودهم وجوده الكامل وعدمهم المحض ولا أعظم إنكسار ممن لم ير لنفسه إلا العدم لا يرى له شيئا ولا يرى به شيئا
وقال في جامع المسائل ج 4 ص 119 : ﻭاﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺟﻨﻮﻧﻪ ﻟﻪ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ اﻹﻳﻤﺎﻥ ﺃﻭ اﻟﻜﺸﻒ ﻭﻧﺤﻮﻩ، ﻭﻗﺪ ﻳﺴﻤﻰ ﻫﺆﻻء ﻋﻘﻼء اﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﻳﺴﻤﻮﻥ اﻟﻤﻮﻟﻬﻴﻦ، ﻓﻬﺆﻻء ﺇﺫا ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺠﺎﻧﻴﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﻓﻴﻬﻢ ﺑﻌﺾ ﺃﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ: ﻫﻢ ﻗﻮﻡ ﺃﻋﻄﺎﻫﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻘﻮﻻ ﻭﺃﺣﻮاﻻ، ﺳﻠﺐ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻭﺃﺑﻘﻰ ﺃﺣﻮاﻟﻬﻢ، ﻓﺄﺳﻘﻂ ﻣﺎ ﻓﺮﺽ ﺑﻤﺎ ﺳﻠﺐ.
وقال في مجموع فتاويه ج 10 ص 60 : ﻟﻜﻦ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﺬا – أي الفناء – لقوة اﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭاﻟﺬﻛﺮ ﺯاﻝ ﺑﻪ ﻋﻘﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺬﻭﺭا ﻓﻲ ﺯﻭاﻝ ﻋﻘﻠﻪ؛ ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺆاﺧﺬا ﺑﻤﺎ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻨﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﺎﻝ اﻟﺘﻲ ﺯاﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻘﻠﻪ ﺑﻐﻴﺮ ﺳﺒﺐ ﻣﺤﻈﻮﺭ؛ ﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻓﻲ ﻋﻘﻼء اﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ: ﺇﻧﻬﻢ ﻗﻮﻡ ﺁﺗﺎﻫﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﻘﻮﻻ ﻭﺃﺣﻮاﻻ ﻓﺴﻠﺐ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻭﺃﺑﻘﻰ ﺃﺣﻮاﻟﻬﻢ ﻭﺃﺳﻘﻂ ﻣﺎ ﻓﺮﺽ ﺑﻤﺎ ﺳﻠﺐ.
وقال ج 10 ص 349 : ” اﻷﻭﻝ ” ﻣﻦ ﻳﺴﻤﻊ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺟﻪ اﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻓﻬﺎﺝ ﻟﻪ ﻭﺟﺪ ﻳﺤﺒﻪ ﺃﻭ ﻣﺨﺎﻓﺔ ﺃﻭ ﺭﺟﺎء ﻓﻀﻌﻒ ﻋﻦ ﺣﻤﻠﻪ ﺣﺘﻰ ﻣﺎﺕ ﺃﻭ ﺻﻌﻖ ﺃﻭ ﺻﺎﺡ ﺻﻴﺎﺣﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ ﺃﻭ اﺿﻄﺮﺏ اﺿﻄﺮاﺑﺎ ﻛﺜﻴﺮا ﻓﺘﻮﻟﺪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺗﺮﻙ ﺻﻼﺓ ﻭاﺟﺒﺔ ﺃﻭ ﺗﻌﺪﻯ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎﺱ ﻓﺈﻥ ﻫﺬا ﻣﻌﺬﻭﺭ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ؛ ﻓﺈﻥ ﻫﺬا ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﺎﻝ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﻋﻘﻼء اﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ اﻟﻤﻮﻟﻬﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺼﻞ ﻟﻬﻢ اﻟﺠﻨﻮﻥ؛ ﻣﻊ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻭﺃﻫﻞ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺇﻣﺎ ﻟﻘﻮﺓ اﻟﻮاﺭﺩ اﻟﺬﻱ ﻭﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﻢ؛ ﻭﺇﻣﺎ ﻟﻀﻌﻒ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻋﻦ ﺣﻤﻠﻪ.
وفيه ج 2 ص 396 وج 6 ص 26 وج 10 ص 339 قال : ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﻗﺪ ﻳﻘﻮﻝ : ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺤﻖ، ﺃﻭ ﺳﺒﺤﺎﻧﻲ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺒﺔ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﺫﺍ ﻓﻨﻲ ﺑﻤﺸﻬﻮﺩﻩ ﻋﻦ ﺷﻬﻮﺩﻩ ﻭﺑﻤﻮﺟﻮﺩﻩ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻩ، ﻭﺑﻤﺬﻛﻮﺭ ﻋﻦ ﺫﻛﺮﻩ، ﻭﺑﻤﻌﺮﻭﻓﻪ ﻋﻦ ﻋﺮﻓﺎﻧﻪ….ﻭﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻘﻂ ﺍﻟﺘﻤﻴﻴﺰ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﺣﻼﻭﺓ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ.
قال فيه ج 2 ص 385 : ما في قلبي إلا الله ما عندي إلا الله….
قال ابن القيم في مدارجه ج1 ص281 وساقهم إلى وادي الفناء في الشهود، فلا يشهد مع الحق سببا، ولا وسيلة ولا رسما البتة. ونحن لا ننكر ذوق هذا المقام
وفي ج 3 ص 291 في باب السكر قال : المحب الفاني لا يكاد يسمع الخبر أي من قلب غافل فارغ ! .
وفيه ج 1 ص 168 : اﻟﻔﻨﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ :ﺃﻥ ﺗﺬﻫﺐ ﺍﻟﻤﺤﺪﺛﺎﺕ ﻓﻲ ﺷﻬﻮﺩ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻭﺗﻐﻴﺐ ﻓﻲ ﺃﻓﻖ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻮﺟﺪ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﺛﻢ ﺗﻐﻴﺐ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫِﺪ ﻭﺭﺳﻤﻪ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻼ ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﻻ ﺭﺳﻢ ﺛﻢ ﻳﻐﻴﺐ ﺷﻬﻮﺩﻩ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻼ ﻻﻳﺒﻘﻰ ﻟﻪ ﺷﻬﻮﺩ ﻭﻳﺼﻴﺮ ﺍﻟﺤﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻗﺒﻞ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺍﻟﻤﻜﻮﻧﺎﺕ ﻭﺣﻘﻴﻘﺘﻪ : ﺃﻥ ﻳﻔﻨﻰ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ : … ﻭﻟﻴﺲ ﻣﺮﺍﺩﻫﻢ ﻓﻨﺎﺀ ﻭﺟﻮﺩ ﻣﺎﺳﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺑﻞ ﻓﻨﺎﺅﻩ ﻋﻦ ﺷﻬﻮﺩﻫﻢ ﻭﺣﺴﻬﻢ.
تنبيه : إعلم أن الفناء شيء يعترض المحب في لحظة أو دقيقة أو ساعة أو شهور أو عدة سنوات ثم يزول وليس هو النهاية! بل الفناء بداية لا بُدَّ من البقاء بعد الفناء ثم السير إلى أبد الأبد. وقد يموت المحب في فنائه.
قال الشيخ التجاني في جواهر المعاني ص 152 : وهذا الذي ذكرناه من فناء العارفين في ذات الله وفي ذات النبي صلى الله عليه وسلم وليس هو لكل العارفين ولا في كل وقت بل هو خاص ببعض الأوقات…. الخ.
وعلى أي حال نعلمكم أن الفاني لا يقتدى بمقاله ولا يؤتسى به وهو معذور في أحواله لزوال عقله اتفق المسلمون على ذلك وخاصة الصوفية. وبرأنا من كل زائغ قائل بوحدة الوجود وهو صاح متمكن في صحوه ويعتقد أن كل شيء هو الله! معاذ الله؛ ليس للصوفية علاقة بأولائك ألبتة اتفق الصوفيون على هذا القول في كتبهم حتى زعيم الوهابية ابن تيمية قال في مجموع فتاويه ج11 ص74 : الصوفيون برآء من الإتحاد!…..
Lorem Ipsum